أمر الله -تعالى- بالعدل، وحرص على تحقيقه في شرائع الإسلام، والناظر في القرآن الكريم يجد فيه آيات عديدة تحثّ على العدل وتدعو إليه، منها قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
وفي سنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أمثلة كثيرة وواضحة على اهتمامه بقيمة العدل؛ ففي قصة المرأة المخزومية التي سرقت على عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مثالٌ جليٌّ على ذلك، فقد حاول أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أن يشفع لها عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فما كان منه إلّا أن غضب وخرج يخطب بالناس معلّماً إيّاهم درساً عظيماً في أهمية العدل بقوله: (إنما أَهلَك الذين قبلَكم، أنهم كانوا إذا سرَق فيهمُ الشريفُ ترَكوه، وإذا سرَق فيهمُ الضعيفُ أقاموا عليه الحَدَّ، وأيمُ اللهِ لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سَرقَتْ لقطَعتُ يدَها)
توريث المرآة على النصف من الرجل ليس موقفا عاما لكل الذكور وكل الإناث فالقرآن الكريم لم يقل : يوصيكم الله في المواريث والوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين ، إنما قال: ” يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين”
أن هناك 4 حالات فقط ترث فيها المرآة نصف الرجل ، وأكثر من 30 حالة ترث فيها المرآة مثل الرجل تماما، وهناك 10 حالات ترث فيها المرآة أكثر من الرجل ، بالإضافة إلى أن هناك حالات ترث فيها المرآة ولا يرث نظيرها من الرجال
الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل في أربع حالات وهي وجود البنت مع الابن أي كان الجيل لقوله تعالى ” يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين “
الحالة الثانية ، عند وجود الأب مع الأم ولا يوجد للمتوفى أولاد ولا زوجة لقوله تعالى” فإن لم تكن له ولد وورثه أبواه فالأمة الثلث ” فهنا يكون للأم الثلث يتبقى للأب الثلثان
الحالة الثالثة فهي وجود الأخ مع الأخت لقوله تعالى ” إن كانوا اخوة رجالا ونساء فالذكر مثل حظ الأنثيين
أما الحالة الرابعة إذا مات الزوج فالزوجة ترث الربع ان لم يكن لها ولد واذا كان لها ولد ترث الثمن ، أما إذا ماتت الزوجة فيرث الزوج النصف اذا لم يكن له واذا كان له ولد فيرث الربع ، لقوله تعالى: ” لكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ،فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين “.
أما الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل فهي تعدت ال30 حالة ، من أمثال هذه الحالات : حالة ميراث مع الأم عند وجود ابن او بنت ، وكذلك ميراث الأخوة أو الأخوات من جهة و أيضا تتساوى المرأة مع الرجل في حالات انفراد أحدهما بالميراث
والحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل ، فيقول د/ صلاح الدين أن نظام المواريث في الشريعة الإسلامية على طريقتين رئيسيتين هما الميراث بالفرض وهو القوانين الواردة في القرآن الكريم ، ونظام الميراث بالتعصيب وهو الباقي بعد توزيع الميراث .
و قد ثبت أن المرأة ترث في أكثر من 17 حالة بالفرض مقابل 6 حالات للرجل بالفرض فقط
حالات ترث فيها المرأة وتمنع الرجل
باستقراء حالات ومسائل الميراث انكشف لبعض العلماء والباحثين حقائق قد تذهل الكثيرين؛ وظهر نحو 6 حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال.
وهذه الحالات وهي: أولًا: «لو ماتت امرأة وتركت (زوجًا، وأبًا، وأمًّا، وبنتًا، وبنت ابن)، وتركت تركة قدرها 195 فدانًا مثلًا، فإن بنت الابن سترث السدس وهو 26 فدانًا، في حين لو أن المرأة تركت ابن ابن بدلًا من بنت الابن لكان نصيبه صفرًا؛ لأنه كان سيأخذ الباقي تعصيبًا ولا باقي، وهذا التقسيم على خلاف قانون الوصية الواجبة الذي أخذ به القانون المصري رقم 71 لسنة 1946، وهو خلاف المذاهب، ونحن نتكلم عن المذاهب المعتمدة، وكيف أنها أعطت المرأة، ولم تعط نظيرها من الرجال».
وثانيًا: لو تركت امرأة (زوجًا، وأختًا شقيقة، وأختًا لأب)، وكانت التركة 84 فدانًا مثلًا، فإن الأخت لأب سترث السدس، وهو ما يساوي 12 فدانًا، في حين لو كان الأخ لأب بدلًا من الأخت لم يرث؛ لأن النصف للزوج، والنصف للأخت الشقيقة والباقي للأخ لأب ولا باقي.
وثالثًا ميراث الجدة: فكثيرًا ما ترث ولا يرث نظيرها من الأجداد، وبالاطلاع على قاعدة ميراث الجد والجدة نجد الآتي: الجد الصحيح (أي الوارث) هو الذي لا تدخل في نسبته إلى الميت أم مثل : أبي الأب، أو أبي أب الأب وإن علا، أما أبو الأم أو أبو أم الأم فهو جد فاسد (أي غير وارث) على خلاف في اللفظ لدى الفقهاء، أما الجدة الصحيحة فهي التي لا يدخل في نسبتها إلى الميت جد غير صحيح، أو هي كل جدة لا يدخل في نسبتها إلى الميت أب بين أُمَّيْنِ، وعليه تكون أم أبي الأم جدة فاسدة، لكن أم الأم، وأم أم الأب جدات صحيحات ويرثن.
ورابعًا: لو مات شخص وترك (أبا أم، وأم أم) في هذه الحالة ترث أم الأم التركة كلها، حيث تأخذ السدس فرضًا والباقي ردًّا، وأب الأم لا شيء له؛ لأنه جد غير وارث، خامسا: وكذلك ولو مات شخص وترك (أم أم، وأبا أم أم) تأخذ أم الأم التركة كلها، فتأخذ السدس فرضًا والباقي ردًّا عليها ولا شيء لأبي أم الأم؛ لأنه جد غير وارث.
حالات ترث فيها المرأة كل التركة
هناك عشر حالات شرع الإسلام فيها للمرأة أن ترث وتحجب الرجل عن الميراث، بل إنه لا يرث حتى إن وجد مكانها.
المرأة ترث ولا يرث الرجل، هي مسألة لها قسمان، هما: أولًا تحجب فيه المرأة الرجل، وله صور، منها: إذا ترك الميت: بنتًا، وأخًا لأم، فإن البنت تحجب الأخ لأم، ولا يرث شيئًا بسببها، إذا ترك الميت: بنتًا، وأختًا شقيقة، وأخًا لأب، فللبنت نصف التركة فرضًا، وللأخت الشقيقة باقي التركة تعصيبًا مع البنت؛ لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأن تجعل الأخوات مع البنات عصبة، ولا شيء للأخ لأب؛ لأنه حجب بسبب إرث الأخ الشقيقة بالتعصيب.
وكذلك إذا ترك الميت: بنت ابن، أختًا لأب، ابن أخ شقيق، فلبنت الابن نصف التركة فرضًا، وللأخت الأب باقي التركة تعصيبًا مع بنت الابن؛ لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأن تجعل الأخوات مع البنات عصبة، ولا شيء لابن الأخ الشقيق؛ لأنه حجب بسبب إرث الأخت الأب بالتعصيب مع الغير.
وإذا ترك الميت: بنت ابن، وإخوة لأم، فإن بنت الابن تحجب الإخوة لأم مهما بلغ عددهم، منوهًا بأن القسم الثاني: ترث فيه المرأة، ولو وُجد مكانها رجلً لا يأخذ شيئًا، وله صور، منها: إذا تركت الميتة: زوجًا، وأمًا، وأبًا، بنتًا، وبنت ابن، فللزوج ربع التركة، وللأم سدس التركة، وللأب سدس التركة والباقي إن تبقى شيئًا، وللبنت نصف التركة، ولبنت الابن سدس التركة.
ولو وضعنا مكان بنت الابن الرجل المساوي لها وهو ابن الابن، فلا يأخذ شيئًا؛ لأنه يرث بالتعصيب ما يتبقى بعد أصحاب الفروض، وفي هذه المسألة لن يتبقى له شيء، أما بنت الابن فإنها ترث السدس فرضًا، وهذه المسألة ستعول حتى تأخذ بنت الابن نصيبها، وإذا ترك الميت: أبًا، وأم أم، فلأم الأم سدس التركة، ولو وضعنا مكان أم الأم الرجل المناظر لها وهو أب الأم، فإنه لا يرث شيئًا؛ لأنه ليس من الورثة أصلًا.
وإذا تركت الميتة: زوجًا، وأختًا شقيقة، وأختًا لأب، فللزوج نصف التركة فرضًا، وللأخت الشقيقة نصف التركة فرضًا، وللأخت لأب السدس فرضًا، والمسألة تعول -[والعول: هو التقليل من نصيب كل وارث؛ حتى تستوفي التركة جميع الورثة]- حتى تأخذ الأخت لأب نصيبها، ولو وضعنا مكان الأخت لأب الرجل المناظر وهو الأخ لأب، لكان نصيبه من التركة صفر؛ لأنه يرث الباقي بعد أصحاب الفروض في المسألة، وهم الزوج والأخت الشقيقة، فلا يتبقى له شيء.
التعليقات : 0
اترك تعليقك