لقد كثر هذه الأيام الخلع والمخالعة مع كثر المشاكل لزوجية وازدياد أعباء الحياة المادية والجري وراء كسب الرزق وإهمال الواجبات الأسرية الأخرى.
( يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تسائلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا ) ” الاية 1 من سورة النساء ” فمن قدرته سبحانه وتعالى ان خلق من كل شئ حي زوجين لقوله تبارك وعلا ( ومن كل شئ خلق زوجين لعلكم تذكرون ) وهذا دلالة على ان الله سبحانه وتعالى جعل لنا الزواج وسيلة للاستقرار والسكون وبناء اسرة متماسكة، لكن لكل اصل عام هناك استثناء وهو انه قد يحدث وان يصيب بعض الاسر التفكك وقد يحدث ان تنفر الزوجة من زوجها وتصبح العيشة مستحيلة بين الزوجين لاي سبب كان ومن عضمته تبارك وتعالى ان جعل لنا في كتابه الكريم وفي سنة نبيه عليه الصلاة والسلام الحلول والمنافذ لكل المشاكل التي قد تواجه الانسان ومنها المشاكل الاسرية التي تؤدي الى استحالة المعيشة والى دمار هذه الاسر فقد يسر الله سبحانه وتعالى هذا في الطلاق الذي أجازه في الاحوال التي تصعب فيها استمرارية الرابطة الزوجية، رغم انه من ابغظ الحلال عند الله لكنه يبقى الوسيلة الوحيدة في العديد من الحالات كما سنرى في لب الموضوع، وهنا قد يكون الطلاق بالارادة المنفردة للزوج بان يرمي يمين الطلاق على الزوجة لاي سبب من الاسباب وكما نعلم ان الله سبحانه وتعالى جعل الرجل قواما عن المراة اذ جعل يمين الطلاق بيده لكن قد يكون الطلاق بالارادة المنفردة للزوجة وهذا اذا قامت بطلب التطليق
مـعنى الـخـلـع :
1/ تعريفه :
شرعا : وعند الفقهاء هو ان يتفق الرجل والمراة على الطلاق مقابل مال تدفعه الزوجة لزوجها لا يتجاوز ما دفعه اليها من صداق ولافرق في ايجاب الخلع ان يكون من قبل الزوج او من قبل الزوجة غير ان الفرقة لا تقع الا بعد القبول لان الخلع عقد على الطلاق بعوض ولايستحق العوض بدون قبول، وروى المحدثون ان جميلة بنت سهل امراة ثابت بن قيس جاءت الى الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله لاانا ولا ثابت ولاما اعطاني وسالته ان يطلقها على حديقتها التي اصدقها اياها فقال : خذ الحديقة وطلقها تطليقة 3 .
وقد عرفه الحنفية بقولهم ” الخلع هو ازالة ملك النكاح بلفظ الخلع اوبما في معناه نظير عوض تلتزم به الزوجة .
نظام الخلع مستمد من أحكام الشريعة الإسلامية؛ حيث ورد في القرآن في الآية 229 من سورة البقرة: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
كما ورد في الحديث النبوي، الذي رواه البخاري والنسائي عن ابن عباس، من أن امرأة ثابت بن قيس قد جائت إلى النبي محمد وقالت: «يا رسول الله، إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام ما أطيقه بغضاً. فقال لها رسول الله أتردّين عليه حديقته؟ وكانت صداقاً لها. فقالت: نعم وأزيد. فقال لها: أما الزيادة فلا. وأمره أن يقبض الحديقة ويخلي سبيلها. وفي رواية أخرى: ويطلقها تطليقة. وفي رواية ثالثة: أنه طلقها عليه».
فالخلع ينشأ بارادة الزوج وحده وينفرد به ويقع طلقة رجعية، اما المخالعة : (بلفظ المفاعلة) فهي عقد ثنائي الطرف ويجب أن يتم الايجاب والقبول في مجلس واحد وان يتبادل الطرفان الفاظ المخالعة مع العلم أنه لا يكفي فيها الكتابة والتوقيع فقط، وأن اول خلع تم في الاسلام كان في إمرأة (ثابت بن قيس) اتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله : لايجمع الله راسي ورأسه شيء أبداً والله ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكن أكره الكفر بعد الاسلام ،، فقال (ﷺ) : اتردين عليه حديقته (أي مهرها) قالت ك نعم ففرق بينهما.
لذلك فإن الخلع غير المخالعة فالثانية ينفرد به الزوج ويقع طلقة به رجعية ويرى الأستاذ العلامة سعدي أبو جيب في مؤلفه القيم – التذكرة في القضاء الشرعي – ان المخالعة تثبت بالكتابة دون حاجة لتبدل ألفاظها لأن جميع العقود في الفقه الاسلامي تثبت بالكتابة إلا عقد الزواج بين حاضرين وبما أن المخالعة هي عقد فلماذا يشذ عن أخوته من العقود.
و الفقهاء يفرقون بين قول الزوج (خالعتك) وقوله (خلعتك) فإن عبارة خالعتك يجب ان تقترن بالقبول لكي تنتهي الزوجية وإن عبارة خلعتك فإنها توقع طلقة رجعية فور صدورها من الزوج قبلت بها الزوجة ام لم تقبل، و بهذا جاء الاجتهاد حين قال لما كان ظاهراً من الوثيقة أن الزوج قال لما كان ظاهراً من الوثيقة ان الزوج قال أمام لقاضي بصفته الولائية (خلعت من عصمتي وعقد نكاح زوجتي) وكانت لفظة خلعت يقع فيها طلقة رجعية عملاً بالمادتين 94-99 من قانون الأحوال الشخصية.
اما الخلع بلفظ الخلع فإن كان يلفظ خلعتك فلا بد فيه من ذكر المادة (المال) لكي يكون خلعاً شرعياً يحتاج على قبولها ويأخذ حكم الخلع أما إذا لم يذكر المال فإنه يكون طلاقً تلفظ من الفاظ الكتابة يقع به الطلاق دون الحاجة إلى قبول ومن غير لزوم مال عليها ويكون طلاقاً بائناً على مذهب ابي حنيفة ولاقاً رجعياً على حسب المعمول به لابد فيه من النية لأنه ليس طلاقاً على مال إلا إذا كان مكملاً للثلاث أو كان قبل الدخول.
الخلع وشروطه ودليل مشروعيته
معنى الخلع
إزالة ملك النكاح الصحيح المتوقف على قبول المرأة بلفظ الخلع أو فى ما معناه كالمبارأة فى مقابل بدل مع قبول المرأة، مثل أن يقول لزوجته خالعتك على مائة جنيه فتقول: قبلت، ويستفاد من هذا التعريف أن هناك شروطا لا بد من توافرها لكى يكون الخلع صحيحا تترتب عليه آثاره.
شروط صحة الخلع
1) أن يرضى به كلا من الزوجين، لأنه يترتب عليه سقوط حقوق الزوج قبل زوجته فيشترط رضاه، كما يترتب عليه إلزام الزوج كذلك بالعوض الذى تم الإتفاق عليه فلا بد من رضاها، فإن فقد الرضا من أحدهما فلا يصح الخلع ولا تترتب عليه أحكامه.
2) أن تكون الزوجة محلاً للطلاق فلا يصح للزوج أن يخلع زوجته بعد الردة ولا فى النكاح الفاسد.
3) أن يقع الخلع من زوج يصح طلاقه، أى إذا توافرت فى الزوج الأهلية، فلا يصح الخلع من الصغير أو المجنون أو المعتوه.
4) أن تكون الصيغة بلفظ الخلع أو ما يدل على معناه كالابراء والافتداء وذلك كقول الزوج لزوجته خالعتك على مؤخر الصداق فتقبل ذلك.
5) أن يكون الخلع على عوض من جهة الزوجة لأنها هى التى تريد الخلاص من الزوجية التى لم تحقق لها السعادة المنشودة،فكان عليها أن تعوض زوجها حتى يصبح أمرها بيدها وحتى يستطيع الزوج أن ينشىء زوجية مع زوجة أخرى غيرها.
دليل مشروعيته
الخلع مشروع بالكتاب والسنة
فقوله تعالى فى سورة البقرة (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به)
ومن السنة ما رواه عباس أن إمرأة ثابت إبن قيس أتت النبى صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعيب عليه فى خلق ولا دين،ولكنى أكره الكفر فى الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته؟ فقالت: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم إقبل الحديقة وطلقها تطليقة.
العوض فى الخلع وما يترتب عليه من آثار
العوض فى الخلع
يقصد بالعوض ما تلتزم به الزوجة لزوجها مقابل طلاقها وخلاصها منه، ولا يشترط العوض أن يكون نقودا، فقد يكون منفعة تعود على الزوج فيجوز أن يكون قيراطا من الأرض أو استعمال سيارة أو تمليكها له أو سكنى دارها أو منفعة تقابل بالمال، وعلى هذا فالعوض قد يكون مالا او غيره.
وقد اختلف العلماء فى مقدار العوض الذى يحصل عليه الزوج، فقال فريق منهم ان العوض لا يزيد على الصداق الذى دفعه للمرأة، فلا يحل للرجل أن يأخذ أكثر منه.
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يحل للرجل أن يأخذ ما إتفق عليه مع زوجته؟ سواء قل عن الصداق أم زاد، فنفى الإثم عن الرجل فيما أخذه من زوجته مقابل طلاقها قليلا كان أم كثيرا.
وهذا هو الأرجح، لأن النص القرآنى عام يشمل الكثير والقليل، وأما حديث النبى صلى الله عليه وسلم لإمرأة قيس فلبيان الأفضلية فالأفضل ألا ياخذ الرجل أكثر من الصداق الذى دفعه لزوجته.
حكم العوض
يختلف حكم العوض بإختلاف الحالة التى تكون بين الزوجين، ويترتب عليها الخلع، وهذه الحالة لا تخرج عن واحدة من ثلاث:
الأولى: أن يكره كل من الزوجين الآخر ويبغضه، مما قد يخشى معه التقصير فلى القيام بحقوق الزواج، وعندئذ يجوز للزوجة ان تفتدى نفسها بمال تعطيه لزوجها، ويجوز للزوج أن يأخذها منها، فقد رفع الله الإثم والمؤاخذة عما ياخذه الزوج عوضا عن الخلع، إذا خاف الزوجان عدم قيامهما بحقوق الزوجية على نحو ما شرع الله.
الثانية: أن تكون الكراهة من جانب الزوجة وحدها، ولم يكن الزوج قد أضر بها أو أساء إليها، فإنه يحل له أن يأخذ منها كل ما إفتدت به ولا إثم عليه فى ذلك.
الثالثة: أن تكون الكراهة من جانب الزوج وحده بطرا منه ليتزوج غيرها، فى هذه الحالة لا يحل للزوج ديانة أن يأخذ منها شيئا فقد نهى الله تعالى من الأخذ منها عند عدم نشوزهان والإجماع قائم على حرمة أخذ مال المسلم بغير حق، حتى لو كان برضاها لأن الرضا مشوب بالإكراه حالة عدم نشوزها.
التعليقات : 0
اترك تعليقك